موشى ديان قبل و بعد حرب أكتوبر ( غرور وانكسار)
موشيه ديان يروي لحظات الهزيمة في حرب أكتوبر: «المصريون ضربونا بشدة» (
«عبر المصريون القناة وضربوا بشدة قواتنا في سيناء.. وتوغل السوريون في العمق على مرتفعات الجولان وتكبدنا خسائر جسيمة على الجبهتين.. وكان السؤال المؤلم في ذلك الوقت هو ما إذا كنا نطلع الأمة على حقيقة الموقف السيئ أم لا؟!» في كتابه «من كتاب حياتي»، مشاعر وأفكار متضاربة سببتها صدمة إسرائيل بقرار المصريين استعادة أرضهم، حاول وزير الدفاع الإسرائيلي خلال حرب أكتوبر، موشى ديان، التعبير عنها وشرح ما حدث خلال حرب الأيام الستة.
في كتابه التي عرض موقع «المجموعة 73 مؤرخين» جزءا منه، يقل «ديان»: «أريد أن أصرح بمنتهى الوضوح أننا فوجئنا أننا لا نملك القوة الكافية لدفع المصريين إلى الخلف، وأننا لا نملك القوة الكافية لإعادة المصريين عبر قناة السويس مرة أخرى».
يروي «ديان» سبر نجاح الجيش المصري في العبور، قائلا: «إن إسرائيل كانت تمتلك سلاحا متقدما في ذلك الوقت، لكن ما ميز المصريون هو أنهم كانوا يعرفون كيف يستخدمون أسلحتهم ضد قواتنا ولا أعرف مكانا في العالم محميا بكل هذه الصواريخ كما هو عند مص، ويمتلك الجيش المصري العديد من الأنواع المختلفة من السلاح، ويستعملون كل هذه الأنواع بامتياز وبدقة متناهية، وكانوا يستخدمون الصواريخ المضادة للدبابات وللطائرات بدقة ونجاح تام.
وأضاف وزير الدفاع الإسرائيلي: «الموقف تلخص في أن المصريين نجحوا في أن يعبروا إلى الشرق بأعداد من الدبابات والمدرعات تفوق ما لدينا في سيناء، والدبابات والمدرعات المصرية تؤيدها المدافع البعيدة المدى وبطاريات الصواريخ والمشاة المسلحون بالصواريخ الخاصة بالدبابات». وتابع: «وركز المصريون قواهم طوال السنوات الماضية في إعداد رجالهم لحرب طويلة شاقة بأسلحة متطورة تدربوا عليها واستوعبوها تماما» .
تحدث «ديان» عن الخلل الذي واجهه سلاح الجو الإسرائيلي أثناء الحرب، ما دفع برئيسة الوزراء الإسرائيلية وقتها، جولدا مائير، في طلب المزيد من إمدادات الطيارات من الولايات المتحدة، وقال: «واجه سلاحنا الجوى الكثير من المصاعب، وخسرنا الكثير من الطائرات والطيارين بسبب بطاريات الصواريخ والسلاح الجوي المصر».
وأضاف: «اكتشفنا هذه الحقيقة التي تواجه سلاحنا الجوى في الأيام الأولى، خاصة عندما حاولنا دفع المصريين مرة أخرى عبر القناة إلى الغرب، كما أننا تخلينا عن خطط الهجوم في الجبهة المصرية، وهذا معناه أننا تخلينا عن النقط الحصينة في خط بارليف». وتابع: «ولو كنا استمرينا في محاولتنا لدفع المصريين عبر القناة مرة أخرى، لكانت خسائرنا في العتاد والرجال جسيمة».
ويستمر ديان في الحديث :«لقد انسحبنا من هذا الخط، وكان جزء من الانسحاب عملا نظاميا إلى حد ما، إذ كنت أمل أن تكون معظم قواتنا في هذه النقاط الحصينة استطاعت الانسحاب لأن خط بارليف انتهى كخط دفاعي، أو حتى لمجرد خط للتعويق، فقدنا معظم الاتصالات مع قواتنا الباقية في بعض نقاط هذا الخط التي تحاصرها القوات المصرية». .
يتحدث وزير الدفاع الإسرائيلي عن قرار إخبار الشعب الإسرائيلي بحقيقة نتائج الحرب، قائلا: «كان علينا أن نقول هذه الحقيقة ونعلنها للشعب في إسرائيل، وقررت أنني من سأوجه رسالة إلى الشعب الإسرائيلي لأقول له هذه الحقيقة لكن بأسلوب أكثر حرصا وبكلام مدروس حتى لا يصاب في معنوياته». ويضيف: «كان كل خوفنا يتمثل في المعنى الأهم من مواجهة الشعب، وهو انتهاء نظرية الأمن الإسرائيلية بالنسبة لسيناء».
اجتمعت الحكومة وقررت أنه إن أمامنا مهمتين، الأولى والرئيسية هي بناء خطوط دفاعية جديدة، والثانية هي وضع خطة طويلة المدى، وهى إعادة إستراتيجيتنا وبناء قوتنا العسكرية على أسس جديدة .
وقولت في الاجتماع: «علينا أن نعيد دراساتنا، وأن نعمل على التمركز في أماكن دفاعية جديدة، لأن التفوق العسكري المصري في سيناء الآن لا يمكن مواجهته، كما لا يمكن الاعتماد على سلاح الجو الإسرائيلي لمنع المصريين من التقدم جنوبا وشرقا».
وأضاف «ديان»: «كذلك قررنا أن نتمركز شرقا وجنوبا، وأن نركز كل قواتنا، خاصة القوات المدرعة أمام المصريين، لكن هذا التمركز الجديد يجب أن يكون خارج نطاق النار المصرية ،المدفعية والمدرعات وأسلحة المشاة، أي نتمركز في خط دفاعي جديد، وبالتالي يكون انسحابنا من خطوط الدفاع الرئيسية لنا في سيناء وسرعة إنشاء خطوط دفاعية، وعلينا أن نحسن موقفنا الدفاعي» .
وتابع: «علينا أن نفهم أننا لا يمكننا الاستمرار في الاعتقاد بأننا القوة الوحيدة العسكرية في منطقة الشرق الأوسط، لأن الآن باتت هناك حقائق جديدة وعلينا أن نعيش معها».
ليست هناك تعليقات