اعلان 728 × 90

اخر الأخبار

أثر ضغوط العمل على اتخاذ القرار في بيئة المراقبة الجوية - دورة السلامة الشخصية والمسئوليات الاجتماعية ( الدورات الحتمية للنقل التجاري )





من خلال تحليلات حوادث التقارب الجوي التي تصدرها إدارة السلامة والمقاييس بالهيئة العامة للطيران المدني في المملكة العربية السعودية سأعرض بعض الأمثلة لحوادث تقارب جوي في الأجواء السعودية كانت نتيجة لاتخاذ قرارات خاطئة من قبل المراقبين الجويين نتيجة الضغوط الوظيفية التي يتعرضون لها خلال أدائهم الوظيفي.
المثال الأول:
حادث تقارب جوي في منطقة مراقبة اقتراب الظهران حيث حدث التقارب بين طائرة طيران الخليج GFA162 وطائرة الخطوط السعودية SVA1791 بتاريخ 12/6/1999م حيث أن المراقب الجوي تسرع بالسماح للطائرة السعودية بالارتفاع مباشرة إلى 28000 قدم متخطية ارتفاع طائرة الخليج والتي كانت معاكسة لاتجاه الطائرة السعودية ، وخلص تقرير إدارة السلامة إلى أن التخطيط السليم منذ البداية عنصر هام في السيطرة على مجريات الأمور كما أن الاستعجال في اتخاذ القرار وإعطاء الارتفاع والانخفاض يؤدي إلى عواقب وخيمة خاصة إذا كانت الحركة الجوية على مسار جوي واحد ومتعاكسة مع بعضها البعض ولو تأنى المراقب الجوي في الظهران وأوجد الانفصال القانوني عمودياً بين الطائرتين المتعاكستين حتى يتم عبور بعضهما البعض لكان الوضع سليماً وآمناً ومن ثم كان بإمكانه القيام بعمل الارتفاع والانخفاض بين الطائرتين حسب القوانين التي درسها.
المثال الثاني:
حادث تقارب جوي خطير في منطقة الاقتراب لمطار الملك عبد العزيز بجده بين رحلة الخطوط الفرنسية رقم 538 ورحلة الخطوط الإيطالية رقم 852 والذي حدث بتاريخ 27/8/1999م وخلص تحليل إدارة السلامة والمقاييس بالهيئة العامة للطيران المدني إلى أن هذا التقارب الجوي الخطير نتج عن سوء تخطيط واضح وكان المفترض أن يتم تنسيق حركة الطائرتين منذ البداية وخاصة أنهما على ممر جوي واحد، وأن الوقت مازال في صالح المراقب الجوي ولكن تركه للأمور بدون تنسيق أدى إلى فقدان الوقت عندما لحقت الطائرة الإيطالية بالطائرة الفرنسية وقيام المراقب الجوي باختيار اتجاهين غير موفقين (قرار خاطئ) لمحاولة الفصل بينهما والحقيقة أن غياب المتابعة على شاشة الرادار وجهل معظم المراقب الجوي بنوعية الطائرات وسرعتها (نقص معلومات) ساعد في حصول هذا التقارب الخطير الذي كاد أن يسبب كارثة عظيمة لولا لطف الله وتوفيقه.


المثال الثالث:
حادث التقارب الجوي بين طائرتي الخطوط السعودية رقم 690 ورقم 310 على ارتفاع 33000قدم فوق المنارة الملاحية HLF التابعة لمراقبة المنطقة بجدة وخلاصة تقرير إدارة السلامة والمقاييس بالهيئة العامة للطيران المدني أن المراقب الجوي تصرف عند الساعة 1121 GMT بأن طلب من قائد الرحلة السعودية رقم 690 بأن يغادر ارتفاع 33000 قدم إلى ارتفاع 31000 قدم بينما هذه الرحلة والرحلة السعودية الأخرى رقم 310 سيكونان على الجهاز الملاحي HLF وفي نفس الوقت عند الساعة1121 GMT ، وهذا وقت ضيق جداً لا يمكن التصرف فيه فكان من الأجدر اختيار الوقت المناسب والكافي لتغيير أحد الارتفاعين واستخدام الفاصل القانوني المناسب.
ويلاحظ من محادثة التسجيل في تلك اللحظة أن المراقب الجوي كان في لحظة يائسة وارتباك وانفعال لملاحظته تقارب الطائرتين بشكل مريع فقد أهدر وقتاً ثميناً لم يستغله في تنسيق حركته الجوية الأمر الذي أدرى إلى حدوث هذا الخطأ الجوي الخطير ، إن التواني والتأخير في اتخاذ القرار يؤدي إلى عاقبة وخيمة تضع المراقب الجوي في وضع سيء جداً ولا يحسد عليه.
من خلال هذه الحوادث تبين لنا أن هناك عوامل عدة تؤثر على اتخاذ القرارات في بيئة المراقبة الجوية وهذه العوامل تعتبر من العوامل المسببة للضغوط الوظيفية سواء في بيئة المراقبة الجوية أو بيئات العمل الأخرى ومن هذه العوامل: الوقت ، ونقص المعلومات، والتخطيط السيئ .
1.
الوقتالوقت مهم وعامل حسم لعمل المراقب الجوي فيمكن أن تحدث الكارثة في جزء من الثانية ، والمراقب الجوي يعمل ضد الوقت فالطائرات متحركة وليست ثابتة حتى يمكن أن يأخذ المراقب الجوي وقته في التفكير واتخاذ القرار الجيد لذا فإن عامل الوقت يشكل ضغط على المراقب الجوي مما ينتج عنه أحياناً قرارات متسرعة خاطئة تكلف خسائر في الأرواح والممتلكات وهذا ما أوضحه تقرير إدارة السلامة والمقاييس في المثال الثالث.
2.
نقص المعلومةبدون توفر المعلومة أو كمية المعلومات لا يمكن أن نحصل على قرار سليم جيد فنقص المعلومات يشكل ضغط وضغط كبير جداً على المراقب الجوي أو أي متخذ قرار آخر، مما ينتج عنه قرار خاطئ كما ذكرنا يكلف الكثير من المال والممتلكات وهذا ماحدث للمراقب الجوي في المثال الثاني.
3.
التخطيطفالتخطيط من وظائف الإدارة وإذا اختل هذه الوظيفة فإن العمل برمته سيصبح ناقصاً أو الفشل سيصبح مصيره، لذا فإن من الأسس التي يتعلمها المراقب الجوي في بداياته الوظيفية هي تعلم طريقة أو آلية التخطيط المسبق Planning ahead وهي عملية مهمة لإدارة الحركة الجوية وعامل مهم وقوي جداً لتحقيق السلامة والانسيابية والمرونة للحركة الجوية وبدون هذا التخطيط المسبق سيجد المراقب الجوي نفسه في مواقف عديدة سيئة مما يسبب له العديد من الضغوط والقرارات الخاطئة وقد يتسبب ذلك في كوارث جوية لا سمح الله وبالتالي يتسبب في تهديد سلامة الحركة الجوية وهو ما يناقض أحد أهداف خدمات الحركة الجوية وهي إعطاء المعلومات والنصائح اللازمة لسلامة الحركة الجوية وتشغيلها بكفاءة.
إن المراقب الجوي وهو في المستوى التشغيلي للهيكل الإداري للخدمات الجوية في الهيئة العامة للطيران المدني يمثل أحد أهم صانعي القرارات أو متخذي القرارات في المنظمة بل إن عمل المراقب الجوي هو عملية اتخاذ قرارات مستمرة ولا يتم عمل المراقب الجوي إلا باتخاذ قرارات ترتكز عليها عمليات التشغيل لصناعة النقل الجوي في العالم.
إن عمل المراقب الجوي يعرضه للكثير من الضغوط الوظيفية وهذا ما أثبتته الدراسات السابقة وبالتالي فإن هذه الضغوط الوظيفية لها تأثير سلبي على عملية اتخاذ القرارات في إدارة الحركة الجوية



ليست هناك تعليقات