اعلان 728 × 90

اخر الأخبار

الطقس والطيران - دورة السلامة الشخصية والمسئوليات الاجتماعية ( الدورات الحتمية للنقل التجاري )


الطائرة في مواجهة الطقس.. والمخاطر المفاجئة؟



كانت رداءة الطقس السبب الرئيسي في تحطم العديد من الطائرات، ووقوع حوادث كثيرة نجم عنها إعطاب العديد من الطائرات ووقوع إصابات متفرقة بركابها، ومنذ بزوغ فجر الطيران كانت الظروف الجوية السيئة السبب وراء العديد من الحوادث الجوية المميتة، ويزداد تأثيره في العواصف الرعدية حيث تتعرض الطائرة لعوامل مختلفة وغريبة، نظرا لوجود السحاب في محيطها، وما أدراك ما يخفيه السحاب من أمور وأخطار على الملاحة الجوية. حيث يتأثر الطيران بعناصر الطقس المختلفة، ومنذ تحطم طائرة إيرباص تابعة لإير فرانس والأصابع تتجه نحو عوامل الطقس كسبب رئيسي لتحطمها، بل ومع كتابة هذه السطور ورد خبر يفيد بتعرض نفس النوع من الطائرة التي تحطمت لكن تابعه لشركة طيران « كوانتاس» الأسترالية لمطبات واضطرابات هوائية عنيفة أدت إلى هبوط اضطراري دون أن تتعرض الطائرة للتحطم، لكن كان هناك اصابات بسيطة بين الركاب والطاقم. لذلك لا بد من توضيح ما يمكن أن تحتويه تقلبات الطقس من مخاطر على الملاحة الجوي.

ان عوامل الطقس الجوي سواء تلك التي على سطح الارض ام تلك التي في الارتفاعات العلوية، هي التي تحدد مجرى الملاحة الجوية بالنسبة للمركبات البشرية (سفن، طائرات)، وبالنسبة للطائرات فان ذلك حيوي وضروري جدا، لضمان انجاز الرحلة الجوية. لذلك وقبل القيام بالتحليق في خط جوي ما، تتخذ إجراءات أساسية معينة، مثل الترخيص بالطيران على مثل هذا الخط الجوي المقترح، وتحديد نوع الطائرات المراد استخدامها على مثل هذا الخط المفتوح، وهذا يساعد في اختيار المسار الجوي الامثل، خصوصا من حيث معدلات حالة الطقس الجوي الإحصائية، التي يتم الحصول عليها من قبل هيئة الأرصاد الجوية للدولة، الذي يمر بها ذلك الخط الجوي، وحتى يتم تقدير حمولات الوقود الدنيا في كل مرحلة، قبل القيام بالرحلة، لكن ومنذ مدة أثارت الدراسات للطقس أن هناك تغيرات مناخية مثيرة قد أخذت بالظهور، الأمر الذي يستدعي معه ضرورة أخذها في الحسبان في حالة إعداد دراسة جديدة للمسارات الجوية خصوصا تلك التي تمر فوق المحيطات.

نسبة الصواب في التنبؤ

يعتبر التنبؤ الجوي عملية توقع بحدوث تغيرات في الاحوال الجوية في المستقبل، وهو ليس تنجيما ولا شعوذة، انما علم يعتمد على نظريات علمية وفطرية ودراسة للاحتمالات المبنية على نتائج علمية مسبقة، وكذلك دراسة متعمقة لحركة الهواء من سطح الارض وحتى طبقات الجو العليا. لكن نسبة الصواب في التنبؤ تعتمد على عاملين اساسيين هما: العنصر البشري، ومستوى تطور أجهزة الرصد الالكترونية فكلما كان الراصد أو المتنبئ الجوي مدربا تدريبا كافيا للتعامل مع الاجهزة المتاحة، كانت بياناته اقرب الى الصواب وبالتالي أكثر يقظة لأي تغيرات طارئة، ولا يتحقق ذلك الا اذا توافرت الاجهزة الحديثة والدقيقة التي تتم صيانتها ومعاينتها دوريا للتأكد من دقة بياناتها بحيث تكون نسبة الصواب للقراءات تزيد على 90% وتلعب فترة التنبؤ دورا في دقة البيانات، فكلما قصرت فترة التنبؤ كان التنبؤ اكثر صوابا، واذا زادت الفترة عن 24 ساعة فان المتنبئ يصدر تنبؤاته على صورة احتمالات تصل دقتها الى 60%.

طقس الأجواء العليا

هناك العديد من الظواهر غير التيارات النفاثة في الأجواء العليا، فمثلا هناك نوع معين من الغيوم يطلق عليه سيروس Cirrus وهو سحاب رقيق كأنه ريشة عملاقة مرتفعة، تتكون من جسيمات ثلجية، وعلى الرغم من انها قد لا تؤذي الطائرات فانها احيانا قد تتضمن اضطرابات هوائية (مطبات) عنيفة مزعجة او بما يعرف Cat او Clear Air Turbulence اي مطبات هوائية غير مرئية تنتج عن اصطدام طبقة هوائية دافئة باخرى باردة عن طريق الجيت ستريمز التيارات الهوائية المتدفقة او النفاثة، وكثيرا ما يلاحظها الركاب على الرغم من صفاء الجو.

المطبات الهوائية

تعرف المطبات الهوائية على انها اختلاف في سرعة التيارات الهوائية في حيز صغير تؤدي بدورها الى اضطراب في حركة الهواء بسبب اهتزازات عنيفة للطائرات. وعندما تطير الطائرة في اضطراب جوي تتعرض الى اختلاف في معدل التسارع للهواء، يؤدي بها الى الطيران في مسار غير مريح مليء بالتمايل، وعدم الثبات في مسار مستقيم سلس وتتفاوت حدتها ما بين اهتزازات متفرقة، وصولا الى اضرار قد تحدثها في بدن الطائرة واصابات بليغة بالنسبة للركاب.

رادار الطقس Weather Radar

في منتصف الخمسينات بدأت طائرات النقل المدنية باستخدام رادار الاحوال الجوية (رادار الطقس) على متنها بعد التحقق من فائدته القصوى التي يوفرها في اجراءات السلامة، ومنذ ذلك الوقت اضحت اجهزة الرادار المستخدمة لمراقبة الاحوال الجوية اكثر تعقيدا وأخف وزنا وأكثر قدرة على توفير المعلومات لتفادي أي أخطار قد تصادفها الطائرة اثناء رحلتها ويقوم رادار الطقس بتوفير صورة دقيقة للطيارين عن تقلبات الطقس، وحركة الغيوم وانواعها، ويتم نقل الصورة الى قمرة القيادة عبر شاشات عرض خاصة لذلك، ويتم تحديد مدى خطورة الاجواء بواسطة ثلاثة الوان رئيسية هي الاحمر للاشد خطورة، والاصفر للمتوسطة والاخضر لليسيرة. كما ويحاول الصناع حاليا ايجاد وسيلة كشف لخطر آخر وإن كان ليس بدرجة قد تؤدي الى كارثة انما الى اصابات ورحلة غير مريحة ألا وهي ظاهرة المطبات الهوائية غير المرئية Clear Air Turbelence CAT، وقد كانت هناك حادثة مثيرة بسبب المطبات الهوائية غير المرئية، والمعروف ان الطائرات الكبيرة الحجم هي اكثر اتزانا في حالة تعرضها للمطبات الهوائية من الطائرات الصغيرة الحجم، لذلك ينصح بضرورة ربط حزام الأمان في الطائرة اثناء سير الرحلة وحتى لو لم تكن أنوار ربط الاحزمة مضاءة لتفادي الارتطام بالسقف فجأة!

مخاطر العواصف الرعدية

وهي من أشد العوامل الجوية خطورة حيث تحدث بها اضطرابات هوائية نتيجة تحرك التيارات الهوائية بسرعات مختلفة في مسافات قصيرة (حيز ضيق) وتؤدي الى اهتزاز الطائرة نتيجة المطبات الهوائية العنيفة التي تسبب بدورها تيارات حمل هوائية، وهي تيارات عمودية صاعدة وأخرى هابطة تكون شديدة لتتحول الى تيارات دوامية متعاكسة تؤدي الى ظهور ظاهرة المقصات الهوائية او ما يعرف باسم Wind Shear. والمقصات الهوائية هي من أشد الظواهر الجوية فتكا بالطائرات، وقلما تنجو منها، حيث تتسب في انقطاع الرفع Lift من على الجناح وكذلك الدفع Thrust من المحركات، وبالتالي تفقد الطائرة طاقتها وتصبح في حالة حرجة تؤدي بها إلى سقوط غير متوقع.
من المعروف أنه في حالة فقدان طائرة بمحركين لأحد محركيها فإن 50% فقط تبقى من قوة الدفع المتاحة، في حين أن فقدان طائرة ذات أربعة محركات لأحد محركاتها فإن 75% تبقى متاحة من مجمل قوة الدفع، فحتما 75% أفضل من 50% و الأمر متروك للعودة إلى اعتماد الطائرات الرباعية المحركات مرة أخرى كخيار لتعزيز السلامة.

خطر السحب الركامية

للسحب تأثير بالغ على عمليات الطيران عموما، خصوصا اذا كانت من النوع المنخفض، أما اخطرها فهو الذي يلقب بالسحب الركامية أو الكيوميولينبس Cumulonimbus لذا من الاسلم في اغلب الاحيان ان يتحاشى الطيارون ولوج ذلك النوع من السحاب المعروف اختصارا CB حيث تعظم احتمالات الخطر فيها.

المقص الهوائي Windshear

تحدث عادة اثناء العواصف الرعدية الشديدة، الا انها قد تحدث ايضا رغم خلو الجو من اي عواصف نشطة، وهي ظاهرة يكون فيها تغيير الهواء لاتجاهه بسرعة شديدة مما يؤدي الى تيارين باتجاهين متضادين، وبالتالي تسبب حوادث للطائرات خصوصا في مرحلة الاقلاع والهبوط الحرجتين، وقد القي باللائمة على المقصات الهوائية في 28 حادثا للطيران التجاري منذ عام 1964، ونتج عن ثلاثة حوادث مقتل ما يزيد على 400 شخص. وتحمل الطائرات اجهزة لقياس سرعة الهواء ورادارات تكشف عن تلك المقصات الهوائية الخطيرة قبل دخول الطائرة فيها.

أخطار الجليد وأنبوب «بيتوت»!

يعتبر تكوّن الغطاء الجليدي على الطائرات من ابرز المخاطر التي تهدد الطيران، فالغطاء الجليدي يزيد من وزن الطائرات ويقلل من فعاليتها ويخفض من قدرتها على الاقلاع، ويهدد بتعطيل المحركات كما حدث مع المكوك الاميركي تشالنجر الذي تحطم بعيد اقلاعه بقليل متحولا الى كرة نارية، مودياً بجميع رواده، وقد أدى التحقيق في الحادث الى ترجيح تكوّن الجليد الشفاف الذي يعتبر من أشد الأنواع خطورة لصعوبة ازالته عن جسم الطائرة. ولذلك تم اعتماد العديد من أنظمة تذويب الثلوج في ابدان الطائرات، وخصوصا في الحواف الامامية للأجنحة. أما الخطر الآخر الذي ينجم عن تراكم الثلوج فيتصل بأجهزة قياس السرعة واجهزة الملاحة التي تحملها الطائرات خارجيا. وقد وقعت حادثة بسبب ذلك على متن ناقلة جوية من نوع بوينغ B727، حيث كانت اجهزة تذويب ومنع تكون الجليد في حالة تشغيل والطائرة على الارض نظرا الى وجود جليد يغطي ارض المطار، ولكن عندما اقلعت الطائرة ووصلت الى ارتفاع التحليق الخاص بها نسي طاقم القيادة اطفاءه مما أعطى قراءات خاطئة للسرعة الهوائية (انبوب بيتوت لقياس السرعة الهوائية) بسبب ارتفاع حرارته عن المعدل، مما جعل الطيارين يعمدون إلى زيادة السرعة معتقدين انها اقل من المعدل بسبب القراءة الخاطئة التي اشارت الى انخفاضها، فكانت النتيجة تعرض الطائرة لارتجاجات عنيفة بسبب اختراقها لحاجز الصوت بمعدل 1.4 ماخ على الرغم من أنها لم تصمم لذلك، فتعرض بدنها لالتواءات شديدة كادت تؤدي الى كارثة لولا ادراك الطاقم لحدوث خطأ ما وسرعة اتخاذهم قرار الهبوط الاضطراري. وبعد تلك الحادثة تم تزويد الطائرات بمستشعرات خاصة للاطفاء الآلي لاجهزة الاحماء المضادة لتكوّن الجليد واجهزة انذار بذلك.



ليست هناك تعليقات