اعلان 728 × 90

اخر الأخبار

الإجهاد الجسماني مسبب أساسي للحوادث الجوية - دورة السلامة الشخصية والمسئوليات الاجتماعية ( الدورات الحتمية للنقل التجاري )



الإجهاد الجسماني مسبب أساسي للحوادث الجوية 
عندما تقتل الطائرات طياريها 

،، برزت الطائرات الفائقة الأداء والسرعة، ونعني هنا الطائرات المقاتلة كسلاح أساسي في الحروب الحديثة، بحيث انه، من شدة أهميتها، باتت تلك الحروب تحسم بواسطتها، ولهذا تركزت جهود التطوير في المجال العسكري على أسلحة الجو وذخائرها، فتطورت الطائرات المقاتلة بسرعة لم تكن مسبوقة، وأخذت أشكالا وأطوارا متعددة خلال القرن الأول المنصرم للطيران. وبما أن العنصر البشري يقود تلك الآلات الجوية القياسية، فانه من الضروري تهيئته كي يكون قادرا على التعامل مع تلك الآلات الجوية التي أصبحت مع مرور الوقت تفوق قدرات التحمل البشرية. في موضوع هذا الأسبوع نسلط الضوء على المخاطر الكامنة التي يتعرض لها طيارو المقاتلات وأقرانهم الذين يقودون طائرات استعراض قياسية.

في 25 مارس الماضي تحطمت مقاتلة متطورة اميركية أثناء مناورات عسكرية روتينية، وقتل طيارها، وربما اعتبر البعض هذا الموضوع أمرا واردا خصوصا في مجال الطيران العسكري، بسبب ما تقتضيه التدريبات من أداء مناورات حادة وظروف طيران خطرة، الا أن هذه الحادثة أبرزت موضوعا لطالما شكل هاجسا كبيرا للمختصين بالطيران العسكري، حيث كانت الطائرة التي تحطمت من طراز «F-22» المتطورة والأفضل من دون نظير لها في العالم، بل والأحدث أيضا، فماذا كانت الأسباب لتحطم طائرة يعول عليها قياديو سلاح الجو الاميركي، بل وأمن الولايات المتحدة برمته؟ تبين فيما بعد أن السبب وراء سقوط تلك الطائرة العتيدة هو الاجهاد الجسماني الذي تعرض له الطيار الذي يفترض أنه من صفوة طياري الاختبار في سلاح الجو الاميركي، وهذا مفاده أمر واحد، وهو أن الطائرات القتالية الحديثة كالــ«تايفون» و«F-22» وغيرهما من المقاتلات القياسية باتت تتفوق على قدرات طياريها الجسمانية، فلم يعودوا يتحملون الطيران بها الى حدودها القصوى المتاحة.

خارج النطاق البشري
ان المقاتلات الحديثة تعمل ضمن ظروف تفوق قدرات طياريها الجسدية، فكثيرا ما يفقد الطيارون المقاتلون وعيهم اثناء اداء مناورة جوية حادة، فعندما يؤدي الطيار المقاتل انعطافا حادا بطائرته المقاتلة، فانه يتعرض لحالة فيزيائية تسمى G-LOC وهي اختصارG-induced Loss of Consciousness أي فقدان وعي مستحث نتيجة تزايد الثقل المعياري G-Force وهو عجلة الجاذبية الارضية. وتتلخص هذه الحالة بأن الطيار عندما يقوم بالانقضاض ومن ثم الصعود بمقاتلته بصورة مفاجئة أو تنفيذ مناورة حادة، ينجذب ناحية اتجاه عجلة الجاذبية أو G-Force فتتجمع السوائل (الدم) في الرجلين في حالة «G+» أي العجلة الموجبة أي تكون وضعية رأس الطيار خارج قطر الالتفاف أو على أطرافه، وبعكس ذلك حينما يكون رأسه داخل قطر الالتفاف أي في الدماغ (- G) وفي الاولى يرى الطيار المنظر امامه من دون الوان (رمادي او ابيض واسود) نتيجة قلة الدم في الدماغ ومن ثم منظر نفقي Tunnel vision وصولا الى فقدان الوعي التام. اما في الثانية فيرى الطيار المنظر أمامه باللون الاحمر نتيجة تجمع الدم كله في الرأس وهذه الحالة أخطر من الأولى، حيث يمكن الوصول الى حدود درجات عليا في التعرض لتأثير عجلة الجاذبية أي «+9، لكن في عجلة الجاذبية السالبة فان اقصى ما يمكن أن يتحمله أي طيار يكون في حدود «- 3.5وعندما يفوق ذلك الحد يحدث انفجار في الشرايين. ونعني بالعجلة بالموجب ان الطيار ولنفترض أن وزنه 60 كلغ فانه خلال تعرضه لــ + G7 خلال مناورة حادة يقفز وزنه في ثوان معدودة الى 420 كلغ، والمعروف ان الوزن هو مقدار قوة جذب الارض للجسم. وبالتالي لن يتمكن الطيار الذي اعتادت عضلاته أن تتحمل وزن جسمه على 60 كلغ أن تعطيه نفس القوة على وزن 420 كلغ في غضون ثوان. ولحماية الطيارين المقاتلين من تأثير تسارع قوة الجاذبية او G-force، يتم تزويدهم ببدلات خاصة متصلة باجهزة ضخ هواء تعمل على الانتفاخ عند عضلتي الساقين والبطن كي تضغط على الاطراف السفلية للرجل والبطن وبالتالي تسمح للدورة الدموية باتمام حركتها في الجسم من خلال تدفق الدم الى الدماغ، وهذه فقط في حالة +G، حيث لا تنفع البدلة في حالة العجلة السالبة.

بدلات مقاومة
معظم اسلحة الجو في العالم بدأت استخدام بدلات مقاومة G-force، وقد كان اول استخدام لها في الغرب وبالتحديد الولايات المتحدة الأميركية خلال منتصف الخمسينات، وفي طائرات المستقبل ستصمم قمرات حديثة بحيث يكون الطيار فيها يرتدي لباسا خاصا مملوءا بالسوائل بدلا من الهواء، تمنحه تحملا اضافيا لقوة G مثل التي يتم اجراء أبحاث عليها، وهي من صنع شركة سويسرية. الجدير بالذكر انه خلال العقد الماضي عزا سلاح الجو الاميركي 20 حادثة تحطم لطائرات مقاتلة له الى G- Loc.

مخاطر أخرى
تعددت الاخطار التي يتعرض لها طيارو المقاتلات، بعضها يكون متصلا بالعنصر البشري وغالبا ذلك، وبعضها يكون نتيجة قصور في اداء الطائرة نفسها، ومن الاخطار التي تكون متصلة بالعنصر البشري، الاجهاد، ويؤدي الاجهاد الى عدم مقدرة الطيار على استيعاب المعلومات من اجهزة قمرة القيادة، لذا عليه ان يصدق قراءات الاجهزة الملاحية في قمرة القيادة، وألا يعتمد على حواسه في ذلك، لان اجهزة التوازن في الاذن تعطي مؤشرات معاكسة، خصوصا اثناء الصعود والهبوط واسباب الاجهاد عديدة، لكن ابرزها جسماني Physical وبعضها ذهني او نفسي Mental وربما يأتي السببان معا في بعض الحالات ويعزى 15% من حوادث الطيران في بريطانيا في زمن السلم الى سبب الاجهاد، لذلك تعتبر الاختبارات الطبية والنفسية التي تجرى على الطيارين المقاتلين من أهم الاجراءات التي تحدد مدى لياقة الفرد للعمل كطيار مقاتل، وقد ادى التقدم الكبير في عالم الطيران الى تحديد الاخطار التي يتعرض لها الطيار المقاتل اثناء تأديته عمله، كاختلاف الضغط الجوي ونقص الاكسجين في الدم (الهيبوكسيا) وتكون فقاعات النيتروجين بالدم (الدريسبازيزم) والاشعاعات الكونية Cosmic Ray واختلاف درجات الحرارة خلال فترة قليلة وتزايد السرعة والعجلة وصولا الى تحديد اصابات الانقذاف بكرسي النجاة عند الطوارئ.

حوار الإنسان والآلة
من الثابت ان المقاتلات الحربية العاملة حاليا قد ساهمت الى حد كبير في تطوير مهمات طياري المقاتلات، والمستقبل الحافل دائما بالجديد يعد بتطورات تقنية فائقة، وحتى ذلك الحين تبقى العلاقة بين الآلة والعنصر البشري قائمة من حيث الارتباط الجدلي بين نفقات تطوير المقاتلات وصنعها وبين الطيارين الذين يقودونها، او من حيث المواءمة بين تقدم تكنولوجيا الآلة وتنامي قدرات العنصر البشري، فالكمبيوترات لن تساهم في تحسين نسبة الحوادث في الطائرات، ولكن من خلال التعاون المتناسق ما بين الطيار وتلك الانظمة لطائرته، كل حسب قدراته.

المسافة الرأسية بين الدماغ والقلب
قد يساهم وضع الطيار المقاتل على مقعد مائل الى الخلف قليلاً في مقاومة آثار تسارع عجلة الجاذبية التي يتعرض لها عند أدائه لمناورة حادة بطائرته المقاتلة، لكنه بالوقت نفسه قد يتسبب في احداث حمل زائد على فقرات العنق للطيار وبالوقت نفسه قد يجعل من الصعب عليه الالتفاف برأسه لرؤية الأهداف التي قد تكون خلف طائرته.





ليست هناك تعليقات