كيف تنجو من كارثة جوية؟ - دورة السلامة الشخصية والمسئوليات الاجتماعية ( الدورات الحتمية للنقل التجاري )
كيف تنجو من كارثة جوية؟
،،لا تزال حادثة هبوط طائرة «الايرباص 320» في نهر «هدسون» بنيويورك الأخيرة تشغل وسائل الاعلام والمهتمين، في كيفية الهبوط الذي قام به الطاقم من اتقان تام الأمر الذي أدى الى نجاة جميع الركاب اضافة الى الطاقم، وهذا بدوره يلقي بظلاله على عدة عوامل مهمة يمكن أن تساهم في زيادة نسبة النجاة عند حدوث حوادث جوية في المستقبل،،
عزيزي القارئ لو خطر ببالك سؤال مفاده كيف لك أن تزيد من نسبة نجاتك من كارثة جوية محققة؟ فحتما ستكون تواقا لمعرفة كيفية ذلك.. ومن منا لا يرغب في ذلك؟ ان تعطل المحركات في الطائرة أو سقوط أجزاء من الذيل أو الأجنحة لأمر يدعو الى الرهبة بمجرد التفكير به، لكن ذلك لا يعني انعدام فرص النجاة، فبعد القضاء والقدر هنالك الأسباب، ولطالما نجا العديد من الركاب من حوادث كانت الطائرات التي تعرضت لذلك في ظروف وأوضاع طيران مخيفة وغير مألوفة، لكن رغم ذلك ينجو الركاب، والسبب الرئيسي لذلك بعد القدر هو في التدريب الصحيح والممتاز لطاقم الطائرة والخبرة التي يتمتعون بها زائد الأداء الصحيح. وحيث ان الحوادث تقع بين الفينة والأخرى، فان عوامل عدة تلعب دورا مهما في ضمان سلامة الركاب والطاقم، وتتلخص تلك العوامل بثلاث ركائز مهمة.
تدريب الطاقم على الاخلاء
ان وظيفة أطقم الضيافة في المقام الأول هي ضمان حياة الركاب وسلامتهم، ويأتي ثانيا عامل الخدمة لذلك يخضع منتسبو ضيافة الطائرات في بادئ الأمر إلى تدريب قاس حول عمليات الطوارئ، وكيفية التعامل معها والتصرف السليم والسريع في الوقت نفسه، وهم يختبرون في نهاية الكورس بذلك كما يتعرفون على أنواع الطائرات اضافة الى مخارجها واتقان عمليات الاخلاء والحرص على سلامة الركاب، ويجب أن يتم اخلاء اكبر الطائرات حجما في غضون اقل من 90 ثانية، أي دقيقة ونصف الدقيقة والا فان عملية الاخلاء تصبح غير فعالة. لذا يجب اخراج الركاب في مدة زمنية لا تزيد عن 90 ثانية بشرط وجود 50% من المخارج متوافرة والسبب عند حدوث حريق بأحد جوانب الطائرة فانه من المتعذر اخراج الركاب من تلك الجهة لذلك، فانه يجب أن يكون نصف عدد المخارج قادرا بالطائرة على اخراج الركاب كافة اضافة الى الطاقم، وبذلك تصبح عملية الاخلاء صحيحة، وتتم عملية الاخلاء سواء على الأرض أو على سطح الماء اذا ما اضطرت الطائرة الى الهبوط عليه، وعموما فان اخلاء الطائرة وهي على الأرض أسهل منه وهي على سطح الماء، وتزود الطائرات الحالية عند كل باب بقوارب نجاة مزودة بالمعدات اللازمة للاعاشة كافة من أطعمة مجففة ومظلة واقية، وكذلك مضخة للهواء لاستخدامها عند حدوث خرق بالقارب أو عطب به، وحتى أنها مزودة بأجهزة لمياه الشرب، اضافة الى حقيبة للاسعافات الأولية، وجهاز ارسال مثبت بالقارب يعمل أوتوماتيكيا، ويبث اشارات استغاثة فور نزول القارب إلى الماء بمدة 48 ساعة وبمدى ألفي كلم وحتى تصل اشاراته الى ارتفاع 40 ألف قدم.
حجم وتصميم الطائرة
يأتي العنصر الثاني وهو طبيعة تصميم وحجم الطائرة ومخارجها وتلك التي للطوارئ. وطبيعة المعدات المزودة بها وقوارب النجاة التي هي عبارة عن المزلقات التي تطفو على الماء عندما تضطر الطائرة الى الهبوط على سطح الماء، فتتحول المزلقة الى قارب نجاة اتوماتيكيا مزودا بجميع سبل الاعاشة، اما على الارض فان المزلقة تضمن وصول الركاب الى الارض باسرع وقت ممكن وبأمان من دون اصابات وهي تختلف من طائرة الى اخرى، ولعل اكبر تحد تواجهه الطائرات العملاقة حيث سعتها الكبيرة من الركاب. اذن فالحجم وعدد الركاب واختلاف المعدات الخاصة بالطوارئ، واختلاف الأبواب والتجهيزات تؤثر بعملية الاخلاء، لكنها تبقى ضمن حدود 90 ثانية التي تنص عليها قوانين السلامة الدولية.
وعي الركاب
لعل العنصر الثالث يعد من أصعب العناصر، لانه يتعلق بالركاب الذين تتفاوت أعمارهم وقدراتهم البنيوية ودرجة الوعي لديهم، فهناك العجائز والمرضى والمعاقون والاطفال وغيرهم، الى جانب الأشخاص الذين لديهم خوف من ركوب الطائرات. لكن التجارب بينت أن عامل الوعي والامتثال للشرح المسبق قبيل اقلاع الطائرة، والذي يتم عرضه عبر شاشات العرض بالطائرة أو أطقم الضيافة، وسماع كل الارشادات، تلك هي من اهم عوامل السلامة وضمان الحياة بالنسبة للركاب الذين يجب عليهم عدم اهمال الاستماع ومشاهدة عرضها وشرحها. وكذلك زود كل مقعد بكتب شرح لعمليات الاخلاء وكيفية التعامل معها لذلك، يجب على الراكب القاء نظرة عليها ويجب على الركاب الامتثال لاوامر طاقم الضيافة عند الاخلاء من دون مناقشة، وعدم اخذ اي من المتعلقات الشخصية فعامل الوقت مهم في هذه الحالة ويجب ايضا عدم التردد بالقفز على المزلقة لانها صممت لايصال الراكب الى الارض بسلام، وفي حال الهبوط على سطح الماء فان النزول على قارب النجاة الذي هو المزلقة اساسا يجب الحبو بدلا من المشي كي لا يخل ذلك بتوازن القارب ومن ثم السقوط في الماء. ومن الأخطاء الشائعة التي تحدث أثناء الاخلاء، التدافع والهلع الشديد وغير المبرر وعدم الامتثال لتعليمات طاقم الطائرة، وهي من أهم تلك النقاط فطاقم الطائرة مدرب للتصرف في مثل هذه الحالات بينما الركاب تتفاوت معرفتهم بعناصر السلامة والأمان.
عناصر مهمة
لم يغفل صانعو مقاعد ركاب الطائرات المدنية عن ضرورة الحيطة والحذر عند خلط المواد المركبة الداخلة في تصنيع المقعد، بحيث لا تؤدي عند احتراقها إلى اطلاق مواد خانقة شديدة السمية، كما تغطى الطبقة الخارجية للقماش الذي يغطي المقعد بمواد مقاومة للحرائق أو أخرى مثبطة للحرائق، وقد حددت سلطات الطيران المدني في الولايات المتحدة الأميركية FAA في اختبار لمدى فعالية المواد المقاومة للحرائق على المقاعد المخصصة للركاب في الطائرة ان 40 ثانية هي المدة القياسية التي تقاوم بها تلك المواد الاشتعال، ولكن بعض صناع المقاعد خلطوا مواد غير قابلة للاشتعال في مواد تصنيع تلك المقاعد.
خلاصة القول ان اتباع التعليمات هو السبيل الوحيد نحو النجاة عند حدوث خطر لذلك فان الوعي بالشيء يضمن الحياة عند وقوع الخطر.
أفضل وضعية لضمان النجاة في الطائرة
بينت الدراسات الحديثة أن أفضل وضعية يجب على الراكب اتخاذها لدى حدوث خطر الهبوط الاضطراري أو قرب حصول حادث جوي للطائرة، هو وضعية «الإنكماش» أو الانقباض، المشبك، BRACE وتتلخص في ضم الأرجل إلى الخلف وكذلك ضم الرأس إلى الجسم (إمالته إلى الأسفل باتجاه الجسم) مع وضع اليدين على الرأس أو خلفه لحمايته أو أمامه لمنع الإصطدام بالمقعد الامامي او أي حاجز بالكابينة. وقد تأكدت فاعلية هذه الوضعية من خلال حوادث عدة كان أبرزها، حادث الطائرة التابعة لشركة «ساس» الإسكندنافية في عام 1991 عندما تعطل محركا الطائرة بعد إقلاعها بقليل، واتخذ جميع الركاب وضعية «الإنكماش» المذكورة بعد أن تهيأ الجميع لحالة الطوارئ، والنتيجة نجاة الجميع وخروجهم على أقدامهم من حطام الطائرة التي اصطدمت بالأرض وانفصلت إلى ثلاثة أجزاء، سالمين باستثناد سبعة من الركاب أصيبوا برضوض واضطروا لحملهم بمساعدة آخرين إلى خارج الطائرة. إن اتخاذ وضعية «الإنكماش» أو BRACE عند حالات الطوارئ بالطائرة يقلل من حجم الارتطام كما دلت الدراسة، ويساهم في التقليل من إصابات الرأس وبالتالي يمكن للراكب الاحتفاظ بوعيه للخروج من الطائرة بسرعة من دون خطر التعرض لفقدان الوعي وهو السبب الرئيسي لوفاة العديد من الركاب اثناء الحوادث الجوية.
ليست هناك تعليقات