الخامات الطبيعية و أهميتها
الخامات الطبيعية و أهميتها
في
بداية حياة الإنسان على الأرض كانت
المعادن الثمينة كالذهب و الفضة و الأحجار الكريمة تحتل مكان الصدارة كرمز
للثراء و المباهاه بالغنى و النفوذ ، ثم بازدياد حاجات الانسان لمعيشته و باختراعه
للآلات اليدوية ثم البخارية انتقلت هذه الأهمية أيضا الى المعادن الأخرى النافعة
مثل الحديد و النحاس و الرصاص ... و
بتطور الحضارة أصبحنا لا نكتفي باستعمال المعادن المعروفة و الموجودة بوفرة في الطبيعة،
بل ازدادت حاجتنا إلى تلك المعادن الأخرى النادرة الوجود و إلى تكوين معادن و
سبائك أخرى من خليط من الخامات الطبيعية ذات صفات و مميزات خاصة لتقابل احتياجات
الصناعات و الاختراعات المتطورة في عالمنا الحديث. و بوجه عام فأن الإنسان يحصل من طبقات القشرة
الأرضية على كل المواد اللازمة لخدمته على هيئة معادن و خامات، باستثناء المواد
الغذائية و الملابس، و حتى هذه تدخل الخامات فيها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة
فتستخدم الكيماويات لتقدير خصوبة الأرض وزيادة إنتاجها الزراعي و مقاومة الآفات الزراعية،
و هذه يحصل عليها من الخامات المتعددة التي تحتويها القشرة الأرضية. و في الملابس
أيضا دخلت الألياف الصناعية و اللدائن كمنافس كبير للمواد التقليدية التي تصنع منها
الملابس مثل القطن و الصوف و التيل الطبيعي.
و من ذلك يتضح أنه لا غنى عن
الخامات و المعادن الموجودة في الأرض في جميع شئون حياتنا و يدونها لا يستطيع
الإنسان أن يحافظ على المستوى العالي الذي وصل إليه، و لا يستطيع أن يقابل احتياجاته المتعددة
المتزايدة، بل أن التهديد بنضوب بعض الموارد الطبيعية يشكل الهاجس الأكبر اليوم
للإنسانية في البحث و استنباط البدائل المناسبة.
و لذلك
تبذل الدول المختلفة كل جهودها في النقيب و الكشف عن ثروتها المعدنية في كل شبر من
أراضيها لاستنفاد ما فيها من خامات و معادن. و ليس هذا فحسب بل إن من أسباب تطاحن
الدول الكبرى في استعمارها أو في بســـط نفوذها على الدول الصغيرة الأخرى يرجع
أولا و قبل كل شيء إلى مدى توفر الخامات فيها فالكونجو غنية
بخامات اليورانيوم الثمين وزمبابوي توجد بها أغنى مناجم
النحاس في العالم، و دول الشرق الأوسط تحتوى أراضيها على اكبر احتياطيات البترول... و هذه أمثلة قليلة من كثير لأهمية البلاد بما
تحتوية أراضيها من ثروات هامة و لمدى تنافس الدول الكبرى على التقرب إليها أو بسط
نفوها عليها بكل الوسائل المشروعة و غير المشروعة.
ولذا اهتمت
خطط التنمية في الجمهورية ببذل كل الجهود للبحث و التنقيب في كل شبر من أراضينا
لاستغلال ما تحويه من ثروات و خامات لمقابلة احتياجات معيشتنا و
نهضتنا و تدعيم مكانتا بين الدول المتحضرة للحاق بركب التقدم العالمي في خطواته
السريعة و المتلاحقة.
و يعبر عن
أعمال البحث و استخراج الخامات من الأرض و نقلها إلى مصانع الاستخلاص بصناعة التعدين،
و هي من الصناعات الشاقة التي يتعرض العاملون فيها لمخاطر صناعية و أمراض مهنية عديدة.
و لقد كانت المناجم فيما مضى ملكا لأصحاب رؤوس الأموال الذين كان هدفهم الأساسي هو
الإرباح في المقام الأول لذا كثرت الإصابات و الإمراض المهنية بين عمال المناجم
بسبب التعرض للأتربة و الغازات و التسمم بالمعادن و التغير في درجات الحرارة و
الرطوبة وسوء الإضاءة و الضوضاء و الذبذبة و زيادة ضغط الهواء تحت الأرض عن الضغط
الجوى على السطح و الحرائق و الانهيارات و الانفجارات و الحوادث الناتجة عن
المعدات و الأجهزة خاصة إثناء عمليات الاستخراج و النقل و الرفع و التكسير و
الغربلة و غيرها من الأعمال المنجمية، فضلا عن الحالات النفسية التي تصيب العاملين
بالمناجم نتيجة الإرهاق و الملل.
و في بداية
القرن الماضي تطورت صناعة التعدين تطورا سريعا و استعملت الآلات الميكانيكية و
الكهربائية في جميع مراحل استخراج الخامات و التعامل معها، كما استعملت المفرقعات
في عمليات تكسير الصخور فازداد الإنتاج و لكن زادت المخاطر مما دعي دول العالم إلى
الاهتمام بحماية و رعاية العاملين في المناجم و المحاجر و
السيطرة على المخاطر التي يتعرضون لها، لذلك فاٍنه بعد إنشاء عصبة الأمم المتحدة
بعد الحرب العالمية الأولى عام 1919 أنشئت منظمة العمل الدولية و منذ ذلك الحين
توالت التشريعات الدولية في صورة اتفاقيات و توصيات لرعاية و حماية العمال
و الحفاظ على حقوقهم، على أن تلتزم الدول
المختلفة بوضع هذه الاتفاقيات الدولية ضمن تشريعاتها الوطنية ومراقبة تنفيذا.
ليست هناك تعليقات