السمنة - الاسباب ؛ المضاعفات ؛ التشخيص؛ الوقاية والعلاج
السمنة Obesity
تُعرَّف السمنة
Obesity بأنّها :
الزّيادة المفرطة للوزن مع
زيادة نسبة الدّهون في الجسم. الأمر الذي يسبب الى تعرّض المصاب بها إلى عدّة
أمراض قد تكون خطرة ومزمنة، منها أمراض القلب والنّوع الثّاني من السكري، فضلاً عن امراض السرطان المختلفة. وتُقاس السمنة بأساليب عديدةٍ
أهمها ما يُعرف بمؤشّر كتلة الجسم، (BMI - body mass index) وهو اداة لحساب الوزن نسبة لطّول الجسم. ويكون الشّخص مصاباً بالسمنة
إن كان هذا المؤشر لديه يصل إلى 30 أو أكثر. أمّا الوزن الزّائد، فيدل على أنّ وزن
الشّخص يزيد عمّا هو طبيعي مقارنة بطوله وجنسه وسنّه. ويكون مؤشر كتلة الجسم لديه
من 25 إلى 29.9. كما ويتميّز أصحاب الوزن الزّائد بأن ما لديهم من وزن قد يعود أو
لا يعود إلى تراكم الدّهون. فقد لا يكون لديهم دهون متراكمة كما هو الحال لدى
مصابي السمنة. بل أن أوزانهم قد تكون آتية من الكتلة العضليّة، على سبيل المثال
إن السمنة هي واحدة من الحالات الطبية الأكثر شيوعًا في
المجتمع الغربي اليوم، وأكثرها صعوبة من ناحية علاج السمنة والتصدي لها. لم يتم،
نسبيًّا، تحقيق سوى تقدم ضئيل في علاج السمنة (باستثناء تغيير نمط الحياة)، ولكن
تم جمع العديد من المعلومات بخصوص العواقب الطبية لحالة السمنة.
وقد قدّرت مراكز السّيطرة على الأمراض والوقاية منها أنّ نحو (35%) من
الأمريكيين البالغين مصابين بالسمنة ونحو (17%) من المراهقين والأطفال مصابين بها.
كما ومن خلال مسحاً أجري بين عامي 2009 إلى 2010 وجد الآتي:
1.
أكثر من شخصٍ بالغٍ واحدٍ من كل 20 شخصاً يُعدّ مصاباً بالسّمنة
المفرطة، والتي يكون مؤشر كتلة الجسم لدى مصابيها 40 أو أكثر.
2.
أكثر من شخصٍ بالغٍ واحدٍ من كل 3 أشخاص يُعدّ مصاباً بالسّمنة.
3.
أكثر من طفلٍ واحدٍ أو مراهقٍ واحدٍ من كل 6 أطفال أو مراهقين تتراوح
أعمارهم ما بين الـ 6 - 19 يُعدّ مصاباً بالسمنة.
أسباب وعوامل خطر السمنة
لقد كانت السمنة حتى وقت قريب مرتبطة بنمط حياة كسول (يعتمد على
الجلوس) واستهلاك زائد للسعرات الحرارية بشكل متواصل. ولكن اليوم، معروف بأن اسباب
السمنة هذه مهمة، ولكن هناك أيضًا عوامل وراثية مختلفة تلعب دورًا في حدوث
السمنة.
كدليل على ذلك، لدى الأطفال بالتبني نرى نمط سمنة يماثل النمط الذي
نراه لدى والديهم البيولوجيين، أكثر من ذلك الذي نراه لدى والديهم المتبنيين. كما
أظهرت الأبحاث بالتوائم المتطابقين، وجود تأثير للعوامل الوراثية على مؤشر كتلة
الجسم أكبر من تأثير العوامل البيئية عليه.
إن التقدير هو أنه يمكن أن يعزى سبب ما بين 40 % - 70 % من السمنة
لعوامل وراثية مختلفة، وليس للعوامل البيئية أو نمط الحياة.
كما أظهرت الأبحاث على الفئران، وجود 5 جينات مرتبطة بالشهية، هذه
الجينات هي التي تؤدي الى السمنة. إن هذه الجينات متواجدة أيضًا لدى البشر. إن أحد
العوامل الوراثية الأساسية في السمنة، هو هورمون الليبتين (Leptin).
يُعتقد اليوم، أن السمنة هي مزيج من جينات معينة وليست فقط نتيجة
لوجود خلل في جين واحد. إن الزيادة في السمنة في العقود الماضية، تعزى بالأساس
للتأثير البيئي مثل نمط الحياة والعادات الغذائية.
مضاعفات السُّمنة
أصبحت السُّمنة في الآونة الأخيرة مرضاً أكثر من كونها حالة بين
الأشخاص. وبما أنّها مرض، فبالتالي لها أضرار إن لم تعالج. وأضرار السمنة لا تقتصر
فقط على زيادة كتلة الجسم والشكل الخارجي، ولكنها أيضا تُّعد السّبب الرّئيسيّ
للعديد من الأمراض التي قد تصبح مزمنة يوما ما.
من هذه الأضرار الآتي:
- النّوع الثاني من مرض السّكّريّ، وهو مرضٌ مزمنٌ يسبب ارتفاع مستويات السكر بالدّم وله أعراضٌ ومضاعفاتٌ أخرى عديدة.
- أمراض القلب والأوعية الدّمويّة، منها ارتفاع ضغط الدّم والسّكتة
الدّماغيّة وارتفاع مستويات الدّهون وتصلّب الشّرايين.
- أمراض الجهاز الهضميّ، منها أمراض المرارة والكبد والجزر المعديّ
المريئي.
- آلام المفاصل والتهابها، وذلك نتيجة لكتلة الجسم الزائدة الضاغطة
على المفاصل.
- مشاكل التنفس، منها الإصابة بالرّبو وانقطاع التّنفس أثناء
النّوم.
- المتلازمة الأيضيّة، وهي خليط من حالات متعدّدة، منها ارتفاع ضغط
الدّم وارتفاع مستويات السُّكّر في الدّم وارتفاع الدّهون الثّلاثية وانخفاض
مستويات الكوليسترول الجيد (HDL).
- السّرطان، منه سرطان المريء والكبد والبنكرياس
والمرارة والقولون والمستقيم والكلى والبروستات والرّحم وبطانة الرّحم وعنق
الرّحم والثدي.
- الأمراض الذّكوريّة والمشاكل الجنسيّة.
- الأمراض النسائيّة، منها عدم انتظام الحيض والعقم.
- مشاكل التّنفُّس، منها انقطاع التّنفّس أثناء النّوم.
- التهاب المفاصل العظمي.
- مرض الكبد الدّهني غير الكحولي، وهو حالة تتراكم الدهون خلالها
في الكبد وتسبب الندب والالتهاب.
وأضرار السمنة ليست فقط جسدية، بل ونفسية واجتماعية، حيث أنّها تؤثر
سلباً على ثقة الشّخص بنفسه وتؤدي إلى انعزاله عن الحياة الاجتماعيّة وتجنب مخالطة
الناس، ما يُؤدّي في كثيرٍ من الأحيان إلى الإكتئاب.
تشخيص السمنة
كما ذكر مسبقًا، فإن السمنة مُعَرَّفَةٌ كأنسجة دُهنية زائدة. يعتبر
قياس كمية الدهون في الجسم بشكل دقيق، أمرًا معقدًا وبحاجة لتقييم مهني. على الرغم
من ذلك، يمكن عن طريق عمل فحص جسماني بسيط، الكشف بسهولة عن وجود دهون زائدة.
يزودنا مؤشر كتلة الجسم (BMI) بتقدير جيد نسبيًّا، لكمية الأنسجة الدهنية (لدى الأشخاص الذين لا
يكونون ذوي بنية عضلية كبيرة جدًّا، مثل رياضيي كمال الأجسام المحترفين). يُحسب
مؤشر كتلة الجسم بتقسيم الوزن بالكيلوجرامات على مربع الطول بالأمتار.
دلالة قيم مؤشر كتلة الجسم:
- 18.5-24.9- وزن طبيعي.
- 25-29.9- وزن زائد.
- 30-34.9- بدانة من الدرجة 1.
- 35-39.9 بدانة من الدرجة 2.
- أكثر من 40 تعني السمنة المفرطة.
إن السمنة العلوية (السمنة المركزية)، أي تراكم الدهون الزائدة في
منطقة البطن، وفوق الخصر (محيط البطن أكثر من 102 سم لدى الرجال وفوق 88 سم لدى
النساء)، هي ذات أهمية طبية أكبر من السمنة السفلى، أي تراكم الدهون الزائدة في
الأرداف والفخذين.
الأشخاص الذين يعانون من السمنة العلوية، عرضة أكثر لخطر الإصابة بمرض
السكري، السكتة الدماغية وأمراض الشرايين القلبية والوفاة المبكرة، نسبةً للأشخاص المصابين
بالسمنة السفلى.
الوقاية من السُّمنة
لمصابي السُّمنة ومن هم عرضةً للإصابة بها، أو حتى لدى من وأزانهم صحيّة، فهناك خطوات يمكن القيام بها للوقاية من السُّمنة وما لها من مضاعفات، والحفاظ على الوزن الصّحي.يمكن الوصول إلى ذلك عبر اختيار نظامٍ صحيٍّ للحياة، وذلك:
1. باستهلاك الأغذية الصحيّة المتوازنة
2. التركيز على الأطعمة قليلة السعرات الحرارية الغنية بالمواد الغذائية، منها الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات والبروتين الخالي من الدهون.
3. أمّا الأطعمة عالية السُّعرات الحراريّة وعالية الدهون، فيجب تناولها بكميات قليلة، منها تلك التي تحتوي على الدّهون المشبعة
4. كما ويجب تناول ثلاث وجبات في اليوم الواحد.
5. وهناك نقطةٌ مهمةٌ يجب أخذها بعين الاعتبار وهي معرفة الأطعمة والظروف التي تجعل الشخص يفقد السيطرة على نظامه الغذائي. وذلك للتمكن من السيطرة عليها والوقاية من السلوكات الغذائيّة الخاطئة.
6. ممارسة النّشاطات الجسديّة المعتدلة لمدة 150 إلى 300 دقيقة في الأسبوع الواحد، منها السّباحة والمشي السّريع.
وبالإضافة إلى ذلك، فإنّه ينصح بمتابعة الوزن لمرةٍ واحدةٍ على الأقل أسبوعياً، فذلك يُساعد الشَّخص على التعرّف على ما إن كان النّظام الذي يسير عليه من حيث تناول الأطعمة والمشروبات وممارسة الرياضة ناجحاً أم لا.
ويُذكر أن الالتزام بهذه الخطوات يجب أن يتم خلال جميع الأيّام، حتى أيّام العطل قدر الإمكان للتّمكن من الوصول إلى نجاح طويل الأمد.
علاج السمنة
يمكن اتباع تقنيات مختلفة من الأنظمة الغذائية، التي تؤدي لفِقدان
الوزن والأنسجة الدهنية الزائدة. وقد أظهرت الدراسات أن 20 % فقط من المرضى،
قادرين على علاج وإزالة 6 كغم من وزنهم، والحفاظ على الوزن الجديد لمدة
عامين.
التعليمات الغذائية للمصابين، لعلاج السمنة مشابهة للأشخاص العاديين:
- الإكثار من تناول المواد الغذائية غير
المصنعة التي تُعطى في النظام الغذائي.
- الحد من استهلاك الدهون، السكر والكحول.
- تناول الأطعمة الغنية بالألياف.
لم تكن هناك، بحسب الأبحاث، أفضلية كبيرة وصحية لطريقه علاج السمنة
على طريقه اخرى.
غير أن هناك أهمية كبيرة لتثقيف المرضى لعلاج السمنة، بخصوص كيفية
التخطيط مبكرًا لقائمة الطعام اليومية، وتسجيل وجبات الطعام التي تم تناولها،
فالتثقيف السلوكي في علاج السمنة هو عبارة عن حجر الأساس في الطريق لإنقاص الوزن
بطريقة صحيحة.
إن ممارسة التمارين الرياضية ضرورية للمحافظة على فِقدان الوزن وعلاج السمنة للمدى الطويل. يسبب النشاط الجسماني زيادة في استهلاك
السُّعُرات الحرارية في الجسم.
ومن المهم أن نشير ونؤكد، أن ممارسة الرياضة لوحدها تؤدي إلى إنقاص
قليل في الوزن. أما الميزة الرئيسية لممارسة الرياضة، فهي أنها تساعد في الحفاظ
على نقصان الوزن مع مرور الوقت. يوصى اليوم، بممارسة النشاط البدني المعتدل -
المجهد لمدة ساعة في اليوم.
علاج السمنة الدوائي
تمت الموافقة على عدد قليل جدًّا من الأدوية لعلاج السمنة التي بحاجة
لوصفة طبية، والتي يوصى بها لتخفيف الوزن. يوصى بتناول الأدوية كجزء من البرنامج
العلاجي الشامل، وليس كوسيلة وحيدة لتخفيف الوزن وعلاج السمنة.
إن الأدوية التي تعطى اليوم هي ردكتيل
(Silbutramine) الذي أظهرت الدراسات
أنه يؤدي لخسارة 5 كغم خلال 6-12 شهرًا، ودواء اورليستات (Orlistat)، الذي يؤدي لخسارة 4 كغم خلال 6-12 شهرًا.
يجدر التنويه إلى أنه توجد للأدوية آثارٌ جانبية كثيرة: قد يسبب
الردكتيل جفاف الفم، الإمساك، الدوخة، الأرق، وقد يسبب الأورليستات الإسهال وحدوث
اضطرابات مختلفة في الجهاز الهضمي.
العلاج الجراحي
إن الأشخاص الذين يعانون من السمنة، ويكون مؤشر كتلة الجسم لديهم أكثر
من 40، يستطيعون أن يخضعوا لعمليات جراحية مختلفة في المعدة (تقصير البالون، الخ)
الذي يؤدي إلى فِقدان الوزن.
لكن الانخفاض في الوزن والذي يقدر بحوالي 50 % من وزن المريض الأولي،
ترافقه آثار جانبية خطيرة ومضاعفات للعملية الجراحية مثل: عدوى في الصِّفاق،
الحجارة في المسالك الصفراوية، فرط الخُثورية واضطرابات غذائية خطيرة، مع نقص الفيتامينات المختلفة. كما تظهر
الأبحاث أن ما يقارب 40 % من المرضى، سيعانون من مضاعفات العملية الجراحية.
الخلاصة:
لقد أصبحت ظاهرة السمنة أكثر شيوعًا وبشكل متزايد. تنطوي هذه الظاهرة
على العديد من الإصابات، في نوعية الحياة ومتوسط عمر الشخص الذي يعاني من السمنة.
توجد اليوم، العديد من طرق علاج السمنة وانقاص الوزن، المبدأ الأساسي
الذي تستند إليه هذه الأساليب، هو اتباع نمط حياة صحي، يشمل ممارسة التمارين
الرياضية واتباع نظام غذائي صحي ومتوازن. يمكن في الحالات القصوى، الاستعانة
بالأدوية أو إجراء عملية جراحية، ولكن يُنْصَح بعدم الوصول لوضع يلزم القيام بهذه
الإجراءات لعلاج السمنة.
ليست هناك تعليقات